Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
27 janvier 2008 7 27 /01 /janvier /2008 11:48

 

1- علم النفس المعلوماتي
بدأ علم النفس المعلوماتي يتشكل تدريجيا ليتأسس كعلم قائم بذاته منذ حوالي أربعة عقود خلت في الولايات المتحدة الأمريكية، رافق ظهوره تطور أنظمة الذكاء الاصطناعي، ونما تحت تأثيرها. وقد جاء النموذج المعلوماتي information-processing model كرد فعل ضد نظرية بيني Binet التي تعتبر الذكاء قدرة ثابتة، وبدأ يفرض نفسه في أعقاب الضجة التي أثارها استخدام روائز الذكاء في مجال التعليم بالولايات المتحدة الأمريكية،وأتى بتصور جديد للذكاء. يرتكز التصور الجديد على مصادرة مفادها أن الذكاء ليس سمة من سمات الفرد الثابتة، ولكنه طريقة في تناول الموضوعات ومعالجة المعلومات وحل المشكلات. يشمل مفهوم الذكاء، منظورا إليه من هذه الزاوية،مجموعة من العمليات العقلية التي لا تخرج خروجا تاما عن نطاق السيطرة، إذ يمكنالتحكم فيها، وتدريبالمتعلمين عليها، وتطويرها بشكل إرادي.
يركز هذا التصور على البعد الدينامي الحركي للذكاء،ويستبعد أن يكون له مضمون ثابت.وإذا صحت هذه الفرضية فإنه لا يجوز لأحد أن ينعت الطفل الذي يعاني من صعوبات التعلمبالغباء، وذلكعلى اعتبار أن الخلل ليس متأصلا في الذات،بليقع على مستوى الطريقة التي يباشر بها المهام المعرفية، ولذلك يمكن القولإن الطفل ليس غبيا، ولكن سلوكه ليس ذكيا. لهذا التصور مزايا عديدة تنكشفلنا عندما نقوم بفحصهفي ضوء الدور المنوط بالمدرس،وهو مساعدة التلميذ على تقويم سلوكه. وأما إذا افترضنا أن الذكاء قدرة ثابتةفإنه لن يكون باستطاعة أي مدرس مهما كانت قدراته أن يؤثر فيه،وسيكون من الطبيعي أن يعمد إلى تصنيف التلاميذ إلى فئات حسب درجات الذكاء أو الغباء،وأن يتعامل مع بعضهم على أنهم أذكياء بالطبع، ومع غيرهم على أنهم أغبياء بالطبع،وسيكون من العبثأن نرسل أطفالنا إلى المدارس إذا كانت حصيلة التدريس متغيرا تابعا لمتغير آخر يقع خارج سيطرة المعلم. ولعل من أبرز مزايا التصور الجديد للذكاء وأكثرها أهمية هو أن الوعي بمبادئه ومقاصده يساعد على تنامي الروح المهنية في ميدان التربية والتعليم، وهو ما عبر عنه بيغس ومور بقولهما: « إن خلع الطابع الميثولوجي عن هذا المفهوم [الذكاء] مهم جدا لكونه يساعد على تطوير التصور المهني لدور المدرس»Biggs and Moore, 1993, p. 159))  
تلحق صفة الذكاء،منظورا إليه في ضوءعلم النفس المعلوماتي،بالسلوك لا بالذات.يرد مفهوم الذكاء في سياق الخطاب السيكولوجي الجديدمرادفا لمفهوم معالجة المعلومات. كتب هونت Hunt مقالا تحتعنوان:  « Intelligence as an information-processing concept »(Hunt, 1980)ليؤكد على مدى أهمية هذه الفكرة. ترتكز نظرية هونت على ثلاثة مفاهيم أساسية وهي: مفهوم البنية structure، ومفهوم العملية process، ومفهوم قاعدة المعرفة Knowledge base. تعكس هذه المفاهيم نظام الكمبيوتر، ولكن الباحثين عمموا استعمالها ليشمل أنظمة أخرى ولتغدو أكثر اتصالا بواقع السلوك الإنساني، وأصبحت تشير إلى بنية الدماغ والجهاز العصبي للإنسان.
كان داس  Das وكيربيKirbyوجارمن Jarman (1979) من أبرز الباحثين الذين اتجهوا في هذا المنحى في محاولة للجمع بين نظرية لوريا Luria  حول وظائف الدماغ ونظرية معالجة المعلومات. وتعتبر نتائج بحوثهم من أكثر الأعمال انسجاما مع الإنجازات التي تحققت في مجال فيزيولوجيا الدماغ والجهاز العصبي (Kirby, 1984). وكان لورياقد ميز بين ثلاثة أنظمة وظيفية وهي: النظام الذي يؤدي وظيفة التذكرarousal، والنظام الذي يتولى معالجة المعلومات processing، والنظام الذي يؤدي وظيفة التخطيط planning. تبنى داس وكيربي وجارمن هذه المفاهيم، وركزوا على وظيفة معالجة المعلومات، وميزوا فيها بين نوعين من العمليات: العمليات التي تعالج المعلومات وفقا لمبدأ التزامن simultaneous processing، والعمليات التي تعالج المعلومات وفقا لمبدأ التعاقب successive processing. وعلى هذا الأساس بلور داس Das ما سماه نموذج دمج المعلومات information integration model(Das, 1984). ويتألف نظام معالجة المعلومات من ثلاث نظم صغرى مترابطة فيما بينها، وتمر عملية معالجة المعلومات بثلاث مراحل، يشتغل في كل واحدة منها نظام معين،وهي:
المرحلة الأولى: وفيها تشتغل العمليات المرتبطة بنظام استقبال الانطباعات الحسية. يرتكز هذا النظام على عملية انتقاء المعلومات، وتتطلب هذه العملية درجة عالية من الانتباه من أجل فحص المدخلات الواردة من المحيط الخارجي لتقدير مدى أهميتها بسرعة فائقة. ذلك لأن الفرد يتلقى خلال هذه المرحلة كمية هائلة من المعلومات عن طريق الحواس، ونظرا لضخامة حجم المعطيات التي ترد إليه من المحيط يعجز عن معالجتهادفعة واحدة وبشكل متزامن،ولذلك يركز انتباهه على أكثرها أهمية بالنسبة إليه.وتجري عملية الانتقاء ضمن ما يسميه داسبسجل الانطباعات الحسية sensory register، وتستغرق مدة قصيرة جدا لا تتجاوز ثانية واحدة.
المرحلة الثانية: وفيها تنتقل المعطيات المنتقاة إلى الذاكرة النشيطة working memory. ومن أهم ما يميز هذه الذاكرة هو وقوعها داخل دائرة الوعي، ومحدوديةطاقتها الاستيعابية، وقصر مداها، لا تستقر فيها المعلوماتأكثر من دقيقة واحدة، ولذلك سميت بالذاكرة القريبة المدى. وتحتل الخطط والاستراتيجياتقسطا وافرا من حيز الذاكرة القريبة المدى إلى جانب المدخلات التي تم انتقاؤها،ولذلك اعتبرت بمثابة المحطة الرئيسية في عملية معالجة المعلومات.وتجدر الإشارة هنا إلى وجود علاقة وثيقة بين الخطط والاستراتيجيات من جهة، ونظم معالجة المعلومات من جهة أخرى، وهو ما عبرعنه كيربي بقوله:« إن الاستراتيجية الجيدة تعوض النقص في حيز الذاكرة النشيطة»(Kirby. 1984. pp. 6). وعندما تنتقل المدخلات إلى الذاكرة النشيطة تعالج بطريقة تمكن من حفظها في الذاكرة البعيدة المدى.
المرحلة الثالثة:وفيها تنتقل المعلومات التي تمت معالجتها إلى الذاكرة البعيدة المدى، ويفترض أن تستقر فيها مدى الحياة إذا تمكن الفرد من تنظيمها تنظيما محكما. ولكن الأساليب المستعملة لاختزانها وتنظيمها تختلف من فرد لآخر. فهناك من يلجأ إلى استراتيجية التكرار والحفظ والاستظهار، وهناك من يستخدم استراتيجية أخرى تقوم على الربط بين المدخلات الجديدة والمعارف المكتسبة من خلال تأويلها في ضوء تلك المعارف، وهذا ما يشير إليه مفهوم التحويل coding  أو encoding في لغة علم النفس المعلوماتي(Biggs and Moore, 1993).
يتألف نظام معالجة المعلومات، إذن،من ثلاثنظم فرعية وهي: سجل الانطباعات الحسية، والذاكرة النشيطة، والذاكرة البعيدة المدى، ويشتملبالإضافة إلى ذلك على عمليات التحويل,والتخزين,والتخطيط, والإستراتيجيات المرتبطة بها. وتعتبر الذاكرة النشيطة المحطة المركزية في هذا النظام. وبحكم مكانتها المركزية في الجهاز المعرفي تلعب الذاكرة النشيطة دورا رئيسيا في عملية معالجة المعلومات،حيث إنها تؤدي العديد من الوظائف البالغة الأهمية: منها ما يتصل بالتخطيط، وتحديد الأهداف، واتخاذ القراراتفيما يتعلق بانتقاء الاستراتيجيات المناسبة لتحقيق الأهداف أو ابتكار استراتيجيات جديدة من أجل التحكم في الأداء؛ ومنها ما يتصل بتحويل المدخلات التي تم انتقاءها وفرزها وتصنيفها وتحليلها وتركيبها في ضوء الأهدافالمتوخاة.
وعلى هذا الأساس أمكن التمييز في الجهاز المعرفي بين نوعين من الوظائف: هناك من جهة وظيفة تحويل encoding المدخلات وتخزينها،وهي الوظيفة التي تمثل المضمون الحقيقي لعملية معالجة المعلومات؛ وهناك من جهة أخرى الوظائف المرتبطة بنظم التحكم في العمليات السابقة الذكر. يتعلق الأمر هنا بالخطط والاستراتيجيات التي توجه عملية معالجة المعلومات وتمكن الفرد من تنفيذها بطريقة فعالة. يتألف الجهاز المعرفي إذن من عمليات معالجة المعلومات ونظم التحكم فيها.  
يستعمل مفهوم العمليةprocess، بالمعنى الدقيق للكلمة، للدلالة على التحويلencoding لتمييزه عن الإجراءات التي يشملها مفهوم التخطيط ومفهوم الاستراتيجية. هذا مع العلم أن الاستراتيجيات والقدرة على التخطيط تميل، عندما يتقنالفرد استعمالها ويطبقها بطريقة آلية، إلى الاشتغال مثلما تشتغل عملية معالجة المعلومات. وفي هذه الحالة يصبح من الصعب التمييز بين العمليات والاستراتيجيات. غير أن التطور الحاصل في الاستراتيجيات لا يفقدها وظيفتها، حيث تظل في موقع السيطرة متحكمة في عملية معالجة المعلومات، ترسم لها الخطط والأهداف والغايات. يدل مفهوم الاستراتيجيةبمعناها العام على المنهجية أو المقاربة المعتمدة في أداء المهام المعرفية. ومع أنه يمكن استخدام مصطلح الخطة plan كمرادف لمفهوم الاستراتيجية إلا أن بعض الباحثين يفضلون التفريق بينهما، حيثيميزون في الخطة بين عدة مستويات متراتبةحسب درجة خصوصيتها أو عموميتها: فهناك الخطط الصغرى والخطط الكبرى (Kirby, 1984).
Partager cet article
Repost0

commentaires

Recherche

Archives

&Amp;#1593;&Amp;#1606;&Amp;#1575;&Amp;#1608;&Amp;#1610;&Amp;#1606; &Amp;#1575;&Amp;#1604;&Amp;#1605;&Amp;#1602;&Amp;#1575;&Amp;#1604;&Amp;#1575;&Amp;#1578;

دروس في الفلسفة

Liens