Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
21 octobre 2007 7 21 /10 /octobre /2007 14:26

كيف يمكن التحقق من صدق البرهان
(تابع)
وعندما يقوم الفيلسوف بنقد نظرية ما، فإن أول ما يقوم به هو تحليل أسس الاستدلال التي تنبني عليها، فيعمد إلى فحص المقدمات لبيان مدى صدقها وما إذا كان من الجائز منطقيا استنباط النتيجة منها. وهذا بالضبط هو ما فعله الفيلسوف عيمانويل كانط حين تصدى لنقد مثالية ديكارت والسيكولوجيا العقلانية بصفة عامة. وانصب النقد على المصادرات الأساسية التي ترتكز عليها نظريات علم النفس العقلاني لبيان بطلانها ومدى زيف أسلوب البرهنة عليها. وتنحصر المصادرات المستهدفة فيما يلي:
§        الروح جوهر؛
§        وأنها بسيطة غير مركبة؛
§        وأنها تظل ذاتا واحدة في مختلف الأزمنة؛
§        ولا يحصل لها الوعي إلا بوجودها هي، بينما تظل الأشياء الأخرى مجرد تمثلات.  
ولقد حاول ديكارت إثبات هذه القضايا بواسطة منطق الكوجيطو الاستنباطي الذي اعتبره كانط برهانا زائفا: فعندما يقول ديكارت: "أنا أفكر، إذن، أنا موجود"، ويقصد بذلك أنه موجود كـ"شيء يفكر" أو كجوهر خاصيته التفكير،  يعترض عليه كانط بقوله إنه لا يجوز استنباط الوجود (الجوهر) من الصفة. فعندما يقول ديكارت: "أنا أفكر"، فإن الأنا هنا هي الأنا المتعالية، إنها مقولة من مقولات المنطق المتعالي، وهي الشرط الضروري لقيام المعرفة لا لقيام الوجود، وتتمثل وظيفتها في الجمع بين التركيبات المعرفية في إطار وحدة متكاملة.
تؤدي الـ"أنا أفكر" إذن وظيفة منطقية، وليس في هذه الوظيفة ما يسمح باستنتاج أن الأنا جوهر ميتافيزيقي ذو خصائص معينة كما فعل ديكارت. فالأنا المتعالية شيء (مبدأ منطقي)، والأنا الميتافيزيقية شيء آخر (جوهر قائم بذاته). وينشأ الخطأ في برهان ديكارت من الخلط بين الأنا المنطقي والأنا الواقعي: ففي القضية الأولى: "أنا أفكر" ترد بالمعنى المنطقي المتعالي، وفي القضية الثانية: "أنا موجود" ترد بالمعنى الأمبريقي الواقعي. كل ما نعرف عن الأنا، كما تقدم نفسها في القضية الأولى، هو أنها مبدأ من مبادئ المنطق المتعالي، إنها مجرد فكرة أو وعي يرافق كل حكم من الأحكام التي أصدرها، أو لنقل إنها مقدمة منطقية ملازمة لكل العمليات العقلية التي أقوم بها؛ ولا يمكنني بالتالي معرفة المزيد عنها أبدا.
وهكذا، فعندما نحاول أن نجعل من الذات المتعالية جوهرا، فإن معنى ذلك أننا نريد تحويلها إلى موضوع لأحكامنا، وهو أمر غير معقول، وعندما نريد القيام بذلك نكون كمن أراد عبثا أن يرى الزمان والمكان، لآن الزمان والمكان مقولتان عقليتان تكمن وظيفتهما في تأطير المعطيات الحسية، مع العلم أنهما لا يشكلان موضوعا من موضوعات الإدراك الحسي. وكذلك، فإن الكوجيطو هو حكم قبلي سابق على جميع الأحكام باعتباره شرطها الضروري الذي لا يخبرنا، مع ذلك، عن طبيعة الأنا؛ ولذلك لا يجوز لي أن أصدر حكما ذا دلالة ميتافيزيقية على أناي، لأنه لا يعقل أن أحكم أنا على أناي، كما لا يعقل أن يكون المرء هو الحاكم والمحكوم في نفس الوقت.
وإذا كان من غير الممكن إثبات وجود الأنا كجوهر فإن القول بأن الروح بسيطة لامادية وبأنها واحدة في كل الأزمنة وخالدة لا تفنى هي أقوال باطلة. وهكذا، فإن تفنيد المقدمات يبطل النتائج المترتبة عنها، ويدحض النظرية بكاملها.    
Partager cet article
Repost0

commentaires

Recherche

Archives

&Amp;#1593;&Amp;#1606;&Amp;#1575;&Amp;#1608;&Amp;#1610;&Amp;#1606; &Amp;#1575;&Amp;#1604;&Amp;#1605;&Amp;#1602;&Amp;#1575;&Amp;#1604;&Amp;#1575;&Amp;#1578;

دروس في الفلسفة

Liens