Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
18 octobre 2007 4 18 /10 /octobre /2007 13:25
الاستدلال الفلسفي
أحمد أغبال
ليست الكتابة الفلسفية مجرد استظهار وعرض للمعلومات والأفكار، إنها إنتاج لخطاب متماسك وهادف تحكمه بنية منطقية رصينة، وتنشأ هذه البنية عن آليات الاستدلال المنطقي، فلا قيمة لأية قضية أو فكرة ما لم تكن مدعمة بأدلة وحجج مقنعة. ويمكن تعريف الاستدلال الفلسفي تعريفا عاما بأنه مجموعة من المقدمات أو القضايا التي تفضي إلى نتيجة (قضية) تلزم عنها بالضرورة منطقيا، بحيث إذا حصل التسليم بالمقدمات يكون من الضروري قبول النتائج المترتبة عنها. فما المقصود بالمقدمات ولقضايا ؟
إن القضية proposition هي عبارة أو جملة يمكن الحكم عليها بأنها صحيحة أو خاطئة حسب تعريف أرسطو. وتجدر الإشارة هنا إلى أن كل جملة ليست قضية بالمعنى المنطقي للمفهوم، فهناك ما لا يقل عن أربعة أنواع من الجمل وهي: الجملة الاستفهامية، والجملة التي تفيد الأمر أو الجملة الأمرية، والجملة التي تفيد التمني أو غيره من الحالات الشعورية، والجملة الخبرية. فقد تدل الجملة على الاستفهام أو الأمر أو التمني، وقد تعبر عن شعور بالفرحة أو الألم... وقد يكون هدفها هو نقل خبر ما،. فإن سئلت: "متى يصل القطار"، فإنه لا يمكن القول عن هذا السؤال بأنه صحيح أو خاطئ، بمعنى انه لا يمكنك أن تجيب بالقول: "هذا صحيح"، ولن يكون لهذا الجواب معنى في نظر السائل، لأنه لا يتوقع منك هذا الجواب. وكذلك الحال إن قيل لك: "افتح الباب"، أو "أتمنى لك النجاح"، فإن هذه الجمل لا تحمل من المعاني ما يحتمل الصدق والخطأ بناء على معايير المنطق. فإن استجبت للأمر بقولك فقط: "هذا صحيح"، فمعنى ذلك أنك لم تفهم الأمر. وأما إن قيل لك: "مدينة الرباط هي عاصمة المغرب"، فإنه بإمكانك أن تقول: "هذا صحيح"، ويكون لكلامك معنى عند مخاطبك.
إن القضية بالمعنى المنطقي أو الفلسفي هي جملة خبرية أو عبارة تنطوي على فكرة تحتمل الصدق والخطأ، وهذا النوع من القضايا هو الذي يندرج في البنية المنطقية للاستدلال الفلسفي، حيث يؤلف بعضها المقدمات ويمثل بعضها الآخر النتائج المترتبة عن تلك المقدمات. وإنما تساق المقدمات لإقناعنا بصحة النتائج المترتبة عنها إما بواسطة الاستنباط أو الاستقراء. وهذه أمثلة على ذلك:
1-    مثال من التأملات الديكارتية الأولى
"كل ما تلقيته حتى الآن على أنه حقيقة يقينية هو ما أمدتني به الحواس؛ ولكنني أشعر أحيانا بأن الحواس خادعة، ومن قبيل الاحتياط ألا نضع ثقتنا أبدا في أولئك الذين يخدعوننا... وإذن، فإن معرفتي عن العالم ليست يقينية.
يتألف هذا البرهان من مجموعة من القضايا التي يؤدي بعضها إلى بعض وفقا لمبدأ الاستلزام المنطقي implication. تمثل كل قضية في هذا البرهان دليلا يبرر القضية النهائية أو النتيجة المتمثلة في ضرورة الشك في معرفتنا الحسية بالعالم. يدعوك هذا النوع من الاستدلال إلى التسليم مع الفيلسوف بصحة بعض القضايا. تسمى القضايا التي يطلب منك التسليم بها بالمقدمات. وإذا سلمت بها فإنه يتوجب عليك قبول النتيجة المترتبة عنها. لاحظ كيف تتسلسل المقدمات لتفضي بك إلى نتيجة (حقيقة) لا محيد عنها:
 
المقدمات
القضية الأولى
كل ما تلقيته حتى الآن على أنه حقيقة يقينية هو ما أمدتني به الحواس
القضية الثانية
ولكنني أشعر أحيانا بأن الحواس خادعة
القضية الثالثة
ومن قبيل الاحتياط ألا نضع ثقتنا أبدا في أولئك الذين يخدعوننا
النتيجة
القضية الرابعة
وإذن، فإن معرفتي الحسية عن العالم ليست يقينية
هذا هو منطق الاستدلال المنطقي والذي يتعين عليك اكتشافه وبيانه عندما يطلب منك تحليل النصوص الفلسفية. ولكن الفلاسفة غالبا ما يستعملون في كتاباتهم خطابا جدليا يسير بك في منعرجات قد تخلق لديك بعض الارتباك، وتجد نفسك في وضعية يصعب عليك فيها بيان قضايا البرهان والتمييز فيها بين المقدمات والنتائج والتعرف على بنيته. وفي هذه الحالة أنصحك بقراءة النص قراءة متأنية. واعلم أن القراءة هي عملية انتقائية تتطلب القدرة على التمييز بين العناصر الأساسية في النص وعناصره الثانوية. والمقصود بالعناصر الأساسية القضايا الكبرى، وهي العبارات التي تنطوي على فكرة أو مبدأ عام، وأما العناصر الثانوية فهي العبارات التي تشرح القضايا الكبرى وتوضحها من خلال المقارنة أو الأمثلة وما إلى ذلك.وعندما تكتشف القضايا الكبرى حاول أن تميز فيها بين المقدمات والنتائج. وهذا مثال يوضح ما ذهبنا إليه، وهو نص مأخوذ من التأملات الديكارتية الثانية، ينطلق فيه الفيلسوف من نتائج تأملاته الأولى التي استعرضها بأسلوب خطابي ليؤسس عليها البرهان الذي يثبت وجوده كذات مفكرة. والجديد في الفقرة الأولى التي تتضمن نتائج التأملات الأولى هو رغبته في العثور على منفذ للخروج من الشك إلى اليقين. فكيف تسنى له ذلك ؟ هذا ما يتعين عليك فهمه.
2- مثال من التأملات الديكارتية الثانية
يقول ديكارت في تأملاته الأولى:
"لقد ملأت تأملاتي يوم أمس ذهني بالشكوك، ولم يعد باستطاعتي نسيانها. غير أنني لا أعرف كيف يمكنني حل هذه المشكلة؛ وكأنني وقعت في جوف مياه عميقة، وفوجئت بأنني لا أستطيع تثبيت قدماي في قعرها، ولا أن أسبح لأطفو على سطحها. ولم يعد بوسعي سوى أن أواصل السير على النهج الذي سلكته يوم أمس بالابتعاد عن كل ما يمكن أن يثير في نفسي أدنى شك، كما لو كنت على يقين بأنه خاطئ تماما؛ وسأواصل السير في هذه الطريق إلى أن أعثر على شيء يقيني، وإن لم أعثر على شيء من هذا القبيل، أكون على الأقل قد علمت علم اليقين بأنه ليس في هذا العالم شيء يقيني".
 
القضايا
الصياغة المركز للقضايا
1
لقد ملأت تأملاتي يوم أمس ذهني بالشكوك، ولم يعد باستطاعتي نسيانها
لقد أصبح مضطرا للشك في كل شيء
2
غير أنني لا أعرف كيف يمكنني حل هذه المشكلة
وهذه مشكلة احتار في حلها
3
وكأنني وقعت في جوف مياه عميقة، وفوجئت بأنني لا أستطيع تثبيت قدماي في قعرها، ولا أن أسبح لأطفو على سطحها
مثال يوضح المشكلة ومأزق الشك الذي وجد نفسه فيه
4
ولم يعد بوسعي سوى أن أواصل السير على النهج الذي سلكته يوم أمس بالابتعاد عن كل ما يمكن أن يثير في نفسي أدنى شك
ولكنه مضطر للتمسك دائما بمنهج الشك
5
كما لو كنت على يقين بأنه [المشكوك فيه] خاطئ تماما
حتى إن المشكوك فيه أصبح يبدو له معادلا للخطأ
6
وسأواصل السير في هذه الطريق إلى أن أعثر على شيء يقيني
لابد إذن من تجاوز مرحلة الشك والانتقال إلى اليقين
7
وإن لم أعثر على شيء من هذا القبيل، أكون على الأقل قد علمت علم اليقين بأنه ليس في هذا العالم شيء يقيني
وإذا تعذر الانتقال تيقن أنه لا شيء في العالم يقيني
يمكن صاغة هذا البرهان من خلال التركيز على عناصره الأساسية لتنكشف لنا بنيته بوضوح، وذلك على النحو التالي:
 
 
 
المقدمات
القضية الأولى
إنني مضطر للشك في كل شيء
القضية الثانية
ولكن الشك يجعلني في مأزق يصعب الخروج منه
القضية الثالثة
وعندما أحاول الخروج من الشك إلى اليقين أجد نفسي مضطرا للتمسك بمنهج الشك
القضية الرابعة
وبحكم هذا المنهج، يبدو لي كل ما في العالم على أنه غير يقيني
القضية الخامسة
وإذا أسعفني منهج الشك وعثرت على حقيقة يقينية، أكون قد خرجت من الورطة
النتيجة
القضية السادسة
وإن لم يسعفني، أكون على الأقل قد علمت علما يقينا أنه لا يقين في هذا العالم
ماذا حاول ديكارت أن يثبت في النهاية ؟ لقد شك في كل شيء، وهذا الشك يجعل الإنسان في مأزق وحيرة، ولكنه يولد لديه الرغبة في البحث عن الحقيقة اليقينية. وبذلك يكون ديكارت قد أثبت مشروعية منهجه، وبين قيمته وأهميته الفلسفية: إنه السبيل المؤدي إلى الحقيقة اليقينية في عالم يكتنفه الغموض وعدم اليقين. فما هي الحقيقة اليقينية التي توصل إليها ديكارت بعد ذلك ؟ هذا ما سنحاول بيانه من خلال تحليل نص آخر جاء امتدادا للنص السابق. وقبل الشروع في تحليل هذا النص أرجو أن تمعن النظر في نتيجة البرهان السابق: ألا تلاحظ أنها تنطوي على مفارقة ؟ ولكي يتضح لك الأمر سأقوم بإعادة صياغتها في جملة مركزة: أنا علىيقين بأنه لا يقين في العالم. إنه التعبير &#1593
Partager cet article
Repost0

commentaires

2
I will do the final wordsmithing and post! FWIW, I am new to out-tasking this sort of thing, so coaching me on how to get the best results will be part of the first 2-3 of these.
Répondre
M
Bon merci  pour ce jolie site utile je ten remercie du fond du coeur sofia ^^je suis eléve du tron comun et ton site ma vrément aider mercii mille fois
Répondre

Recherche

Archives

&Amp;#1593;&Amp;#1606;&Amp;#1575;&Amp;#1608;&Amp;#1610;&Amp;#1606; &Amp;#1575;&Amp;#1604;&Amp;#1605;&Amp;#1602;&Amp;#1575;&Amp;#1604;&Amp;#1575;&Amp;#1578;

دروس في الفلسفة

Liens