Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
22 octobre 2007 1 22 /10 /octobre /2007 14:15
كيف يمكن التحقق من صدق البرهان
أحمد أغبال
 
" إن من لا يعرف موقفا آخر غير موقفه من مسألة معينة لا يعرف إلا النزر القليل عن موضوع الخلاف. وقد تكون حججه جيدة لم يفلح أحد في دحضها. ولكن، إذا كان هو نفسه عاجزا أيضا على دحض حجج غريمه، وإن لم يكن حتى على علم بها، فإنه لا مبرر له في تفضيل موقف عن آخر"
                                                                                                         جون ستوارت مِل
يعرف الاستدلال بأنه عملية من العمليات العقلية العليا التي تمكن من استنتاج قضية (النتيجة) من قضية أو مجموعة من القضايا (المقدمات=الحجج) تلزم عنها بالضرورة منطقيا. فإذا كانت المقدمات صادقة وكانت عملية الاستنباط المنطقي سليمة تراعي قوانين المنطق فإن النتيجة تكون صادقة ويكون قبولها أمرا محتوما؛ ويعتبر البرهان صحيحا إذا كانت قضاياه صادقة وكان شكله سليما. والمقصود بشكل البرهان بنيته المنطقية التي يمكن تبينها بوضوح عندما تستبدل العبارات بالرموز، وذلك على النحو التالي: كل أ هي ب؛ بعض أ هي ج؛ إذن، بعض ب هي ج. إن شكل البرهان في هذه الحالة سليم.
الاستدلال، إذن، هو الطريقة المنطقية لتبرير نتيجة ما، وخلال هذه العملية يطلب منك التسليم أو التصديق ببعض القضايا، وإذا سلمت بها لزم أن تأخذ بالنتيجة المترتبة عنا، كأن يقال لك مثلا:
هل تسلم معي بان القضية ج1 صادقة ؟ ...طيب.
وهل تسلم مع بأن القضية ج2 صادقة ؟ ...طيب.
وهل تسلم مع بأن القضية ج3 صادقة ؟ ...طيب.
(...)
وهل تسلم معي بأن القضية ج س صادقة ؟ ...طيب
إذن يجب أن تقبل النتيجة ن.
وهذا مثال نموذجي من تاريخ الفلسفة، وهو عبارة عن نص رائع للفيلسوف اليوناني بارمنيدس Parménideيبرهن فيه على أن الوجود قديم لا بداية له ولا نهاية: غير مخلوق وغير قابل للفناء:
"هيا معي، سأحدثك عن طرق البحث الوحيدة المفتوحة أمام العقل، ولسوف تفهمني:
إحداها، أن الوجود موجود، وأن اللاوجود غير موجود. إنه سبيل اليقين الذي يرافق الحقيقة.
والأخرى، أن الوجود غير موجود، وأن اللاوجود موجود بالضرورة، وهو السبيل الذي لا يجب أن يغريك بالسير فيه أبدا.
إذ لا يمكنك معرفة ما لا يوجد، ولا أن تدركه أو تعبر عنه.
لأن الفكر والوجود شيء واحد.
يجب أن تفكر وأن تقول ما يوجد، لأن الوجود موجود.
اللاوجود غير موجود، هذا ما أحثك على الإعلان عنه.
إنني أنصحك بعدم السير في طريق البحث التي يتيه فيها عامة الناس الذين لا يعلمون شيئا..
فهم يعتقدون أن الوجود واللاوجود شيء واحد (...)
ليس هناك سوى سبيل واحد من سبل الخطاب،
وهو أن الوجود موجود، وهناك أدلة كثيرة على أنه غير مخلوق وغير فان، وأنه كوني، واحد، ثابت، ولا نهاية له.
ما كان غير موجود في الماضي، ولن يكون غير موجود في المستقبل، هو موجود الآن في كليته، واحد باستمرار. لأنه، أي أصل تريد أن يكون للوجود ؟
من أين له أن ينشأ وفي أي اتجاه يمكنه أن يترعرع ؟ هل نشأ عما ليس موجودا ؟
لن أسمح لك لا بقول هذا ولا بالتفكير فيه، لأنه، لا يعقل أن يكون الموجود غير موجود، كما أنه لا يمكن التعبير عما ليس موجودا.
إذ، ما الذي سيضطره للنشوء عاجلا أو آجلا من لاشيء ؟
يجب أن يكون تاما أو لا يكون.
وكذلك فإن قوة العقل لن تسمح لك بأن تخرج مما يوجد شيئا آخر [غير موجود].
وبالتالي، فإن العدالة تقتضي ألا يقبل [الوجود] لا النشأة ولا الفناء (...)
فإما أن يكون أو لا يكون. ولكننا قررنا التخلي عن إحدى الطرق، وهي الطريق التي يستحيل فيها الفهم والتعبير وبلوغ الحقيقة، وتقرر السير في الطريق الأخرى، طريق [الإيمان] بأن الوجود موجود حقيقة.
ولكن، كيف يمكن لما يوجد أن يوجد [على نحو آخر] في المستقبل ؟
كيف يمكنه أن يصير [شيئا آخر=اللاوجود] ؟
فإن صار [شيئا آخر] فلن يكون له وجود، وهذا القول ليس أكثر إيغالا في الخطأ من قول قائل إنه وجب أن يوجد يوما [بعد أن لم يكن].
وهكذا تُستبعد النشأة والموت الذي لا يمكن تفسيره."
ينطوي هذا الاستدلال على نوعين من البرهان: يهدف أحدهما إلى إثبات قضية معينة، بينما يسعى الآخر إلى تفنيد القضية النقيض. وإذا كان استدلال بارمنيدس قد اتخذ طابعا جدليا، فلأنه أراد أن نسلم معه بصدق القضية التي تقول بأن "الوجود موجود"، باعتبارها الحقيقة الوحيدة الممكنة، ليجعل منها مقدمة لبرهانه على قدم العالم وعدم قابليته للفناء، وبذلك يكون قد استعمل نتائج البرهان على بطلان القضية التي تقول بأن "الوجود غير موجود" لتأكيد بدهية القضية السابقة. وأما دليله على بطلانها فهو استحالة التفكير في اللاوجود أو معرفته أو التعبير عنه بواسطة اللغة.  
وإذا التزمنا مع بارمنيدس بالسير على طريق العقل، وسلمنا معه بأن "الوجود موجود" وبأن "اللاوجود غير موجود" طبقا لقوانين المنطق (مبدأ الهوية ومبدأ عدم التناقض)، فإنه يتعين علينا القبول بالنتائج المترتبة عن هذه المقدمة التي أصبحت تفرض نفسها على العقول كبديهية لم يبق مجال للشك فيها. وسوف أعيد ترتيب القضايا المستنبطة من المقدمة الرئيسية على النحو الذي يجعل بنية البرهان واضحة وجلية:
إذا كان الوجود موجودا،
فلا يجوز القول بأنه لم يكن موجودا في الماضي،
لأن القول بأنه لم يكن موجودا معناه أنه صدر عن شيء غير موجود.
وهذا غير مقبول، لأننا استبعدنا أن يكون اللاوجود موجودا.
كما أنه لا يجوز القول بأنه لن يكون موجودا في المستقبل.
لأننا استبعدنا أن يكون الوجود غير موجود.
لم يخرج الوجود، إذن، من العدم، ولن يصير عدما
ويلزم عن ذلك أن الوجود دائم الحضور في كليته:
كان، ولا يزال، وسيظل موجودا إلى الأبد.
إنه ثابت، لا حركة فيه ولا تغير
لأنه لو تغير لصار شيئا آخر
والآخر بالنسبة للوجود هو اللاوجود
"وهكذا تُستبعد النشأة والموت الذي لا يمكن تفسيره"
ومعنى ذلك أن الوجود لم يخلق من عدم ولن يلحقه الفناء.
والنتيجة هي أن الوجود لا "يولد" ولا "يموت". فإذا قبلت المقدمات، فإنه يتعين عليك قبول النتيجة، إذ، ما الذي يجعلك تقبل المقدمات وترفض النتائج إذا كانت البرهان سليما خاليا من التناقض؟ طبعا، يجب أن تفحص البرهان لتتأكد من سلامته، وهذه هي الإجراءات العملية التي يتعين عليك القيام بها خلال عملية التحليل المنطقي للاستدلال من أجل التأكد من صحته:
§         فحص القضايا لمعرفة ما إذا كانت صادقة أو غير صادقة؛
§         التمييز في القضايا بين المقدمات والنتائج؛
§         التأكد من صحة البرهان من خلال الكشف عن بنيته وبيان ما إذا كان شكله سليما أو غير سليم؛
§         الحكم على النتيجة: فإذا كانت المقدمات صادقة وكان شكل البرهان صحيحا اعتبرت النتيجة صادقة.
ويشترط في الاستدلال أن تكون جميع القضايا صادقة وأن يكون البرهان صحيحا، لذلك يتوجب عليك فحص الحجج (القضايا) وشكل البرهان فحصا دقيقا، فكثيرا ما يقدم لك البعض حججا براقة لتبرير نتيجة مغلوطة، وهذا ما يسمى بالسفسطة؛ فقد تكون جميع القضايا صادقة بينما يكون شكل البرهان معتلا وغير صحيح. وقد يكون شكل البرهان صحيحا بينما تكون قضاياه غير صادقة. يبين الجدول التالي الحالات الممكنة بخصوص العلاقة بين شكل البرهان الاستنباطي ومضمونه:
 
القضايا
البرهان
كل إنسان فان .................................. سقراط إنسان...........................
إذن سقراط فان........................
صادقة
صادقة
صادقة
 
صحيح
كل الثدييات لها أجنحة................
الزواحف من فصيلة الثدييات........
إذن كل الزواحف لها أجنحة..........
غير صادقة
غير صادقة
غير صادقة
 
صحيح
تقع طنجة شمال المغرب.............
ابن بطوطة من مدينة طنجة..........
إذن طنجة مدينة ساحلية..............
صادقة
صادقة
صادقة
غير صحيح
إذا كان زيد يملك كل آبار النفط   في منطقة الخليج فهو إذن غني..........
زيد لا يملك كل آبار النفط في منطقة الخليج، فهو إذن ليس  غني.....................................
 
صادقة

 

غيرصادقة 
 
غير صحيح
كل الأسماك من فصيلة الثدييات.....
كل الحمير أسماك......................
إذن كل الحمير من فصيلة الثدييات..
غير صادقة
غير صادقة
صادقة
 
صحيح
كل الكلاب لها أجنحة.................
كل جرو له أجنحة ....................
إذن كل جرو كلب.....................
غير صادقة
غير صادقة
صادقة
غير صحيح
وعندما يقوم الفيلسوف بنقد نظرية ما، فإن أول ما يقوم به هو تحليل أسس الاستدلال التي تنبني عليها، فيعمد إلى فحص المقدمات لبيان مدى صدقها وما إذا كان من الجائز منطقيا استنباط النتيجة منها. وهذا بالضبط هو ما فعله الفيلسوف عيمانويل كانط حين تصدى لنقد مثالية ديكارت والسيكولوجيا العقلانية بصفة عامة. وانصب النقد على المصادرات الأساسية التي ترتكز عليها نظريات علم النفس العقلاني لبيان بطلانها ومدى زيف أسلوب البرهنة عليها. وتنحصر المصادرات المستهدفة فيما يلي:
§        الروح جوهر؛
§        وأنها بسيطة غير مركبة؛
§        وأنها تظل ذاتا واحدة في مختلف الأزمنة؛
 
Partager cet article
Repost0

commentaires

Recherche

Archives

&Amp;#1593;&Amp;#1606;&Amp;#1575;&Amp;#1608;&Amp;#1610;&Amp;#1606; &Amp;#1575;&Amp;#1604;&Amp;#1605;&Amp;#1602;&Amp;#1575;&Amp;#1604;&Amp;#1575;&Amp;#1578;

دروس في الفلسفة

Liens