Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
28 octobre 2007 7 28 /10 /octobre /2007 21:45

المهارات المطلوبة لكتابة الإنشاء الفلسفي
نموذج تطبيقي
 
وبطرحك لمثل هذه الأسئلة ستكون قد انتقلت إلى مرحلة أرقى في معالجة الموضوع وهي مرحلة التركيب والمناقشة.
سأتركك عزيزي القارئ وحيدا في مواجهة هذه الأسئلة، وأدعوك إلى التفكير فيها في ضوء فلسفة الأخلاق الكانطية.
لنعد الآن إلى استكمال الحديث عن الموضوع على مستوى مهارة التركيب التي تشمل المقارنة والتقابل والمناقشة والتقويم. وقد اخترت لتحقيق هذه المهمة إستراتيجية تهدف إلى إظهار مواطن الضعف في فلسفة الأخلاق الأرسطية منظورا إليها في ضوء فلسفة كانط، للدفع بالقارئ إلى تقدير مدى أهمية الفلسفة الأخلاقية لكانط في العصر الحديث الذي أصبحت فيه النوازع الذاتية ومختلف أشكال التعصب الديني والثقافي والعرقي تفرق بين البشر وتتسبب في حروب مدمرة. إن الرسالة التي يحملها هذا التحليل بين طياته هو أن المبدأ الأخلاقي المتعالي هو الكفيل وحده بمد جسور التواصل بين بني البشر على اختلاف انتماءاتهم الاجتماعية والثقافية والدينية ، لأنه يلزما بالتعامل مع الآخر باعتباره غاية لا باعتباره وسيلة لتحقيق مِأربنا على حسابه. أواصل:
لقد جاء كانط بفلسفة جديدة في الأخلاق تختلف اختلافا جوهريا عن الفلسفات السابقة وعلى رأسها فلسفة الأخلاق الأرسطية التي نالت حظوة خاصة في الأوساط الفلسفية واللاهوتية على امتداد قرون عديدة. ولذلك سنكتفي هاهنا بإجراء مقارنة بين أخلاق كانط وأخلاق نيكوماخوس لبيان ما إذا كانت العلاقة بينهما هي علاقة نفي وتجاوز وقطيعة.
وبذلك تكون قد وضعت فلسفة كانط في سياقها التاريخي العام. تندرج القدرة على وضع الفكرة في سياقها العام وربطها بأفكار أخرى على سبيل المقارنةوالتقابل ضمن مهارة التركيب. لنواصل الحديث والمناقشة في هذا الإطار إذن:
نرتكز فلسفة الأخلاق الأرسطية على مصادرة مفادها أن غاية الحياة هي الخير الأسمى المتمثل في السعادة. وإذا كان أرسطو قد جعل من السعادة أسمى الفضائل الأخلاقية كلها فلأنه كان يعتقد أنها غاية الغايات أو الغاية النهاية المطلوبة لذاتها؛ وأما الفضائل الأخلاقية الأخرى فهي بالنظر إلى الخير الأسمى وسائل أو غايات مرحلية على الطريق المؤدية إليه. ما وجد الإنسان إلا ليعيش حياة سعيدة، هذا هو المبدأ الأساسي الذي تقوم عليه فلسفة الأخلاق عند أرسطو والذي يجب أن يوجه السلوك العقلاني للإنسان. يمكن القول بعبارة واحدة: إن الفضيلة هي العمل بالعقل في اتجاه الخير الأسمى، وهو السعادة التي يعتبرها أرسطو غاية في ذاتها..
لا يتفق كانط مع هذه النظرية جملة وتفصيلا، ولذلك حاول نفيها وتقويض أسسها. ومن مآخذه الأساسية على أرسطو أنه أسس نظريته في الأخلاق على مبدأ أمبريقي سيكولوجي (السعادة)؛ ذلك لأنه لا يمكن تأسيس أخلاق ذات صلاحية كونية بناء على نزعة ما من نوازع الطبيعة الإنسانية، ولا يجوز أن نجعل من رغبتنا في السعادة مبدأ الأخلاق لأن الرفاهية لا تنسجم دائما مع الخير والفضيلة، إذ "من الصعب، حسب تعبير كانط، أن تجعل المرء سعيدا انطلاقا من جعله خَيِّرا"، هذا بالإضافة إلى أن مفهوم السعادة إذا نظرنا إليه من وجهة نظر تحليلية فسنجد أنه لا يتضمن مفهوم الخير الأسمى ولا يمكن استنباطه منه منطقيا. وبالتالي فإن هذا المفهوم لا يصلح كمعيار للتمييز بين الفضيلة والرذيلة ولا يُمَكِّنُ من تقدير ما إذا كانت للسلوك قيمة أخلاقية أم لا. هنا يكمن النقص الأساسي في نظرية الأخلاق الأرسطية في نظر كانط.
وإذا كان كانط يتفق مع أرسطو في أن الإنسان كائن عاقل وأن عليه أن يهتدي في تصرفاته بنور العقل، فإنه يختلف معه في أن يكون العقل دائما هو القوة الوحيدة التي تحرك الإنسان في سعيه نحو تحقيق السعادة، فكثيرا ما تكون الغريزة هي الدافع إلى ذلك. يبدو وكأن أرسطو لا يفصل بين الفكر والرغبة، بين المبدإ العقلي والمبدإ السيكولوجي (الرغبة) في السلوك الأخلاقي. ولما كانت الرغبات تختلف من فرد لآخر فإنه لا يمكن الارتقاء بالمبدإ الأخلاقي الأرسطي إلى مستوى الصلاحية الكونية. ولذلك اقترح كانط ضرورة الاعتماد في بناء الأخلاق على مبدأ قبلي متعالي غير مستمد من التجربة وهو الأمر المطلق غير المشروط بأية رغبة أو نزعة من نوازع النفس الإنسانية. إن تحرير المبدأ الأخلاقي من الرغبة هو الشرط الضروري الذي لا غنى عنه لمعرفة ما إذا كان السلوك أخلاقيا أم أنه خال من أية قيمة أخلاقية، وهو السبيل أيضا إلى تحقيق الصلاحية الكونية للأخلاق من خلال مقاومة الرغبات الذاتية. ومن هذا المنطلق رفض كانط أن تكون السعادة هي الخير الأسمى. وكان لابد أن يعيد تحديد مفهوم الخير الأسمى، حيث عَرَّفَه بأن الخير غير المشروط بأية رغبة أو مصلحة خاصة. وكأنما أراد أن يقول: قم بالواجب امتثالا للقانون الأخلاقي ولا تنتظر أية مكافأة مادية أو معنوية. هذا ما يضفي على السلوك قيمة أخلاقية. وعندما يكون الهدف هو تحقيق رغبة أو نزوة مهما كانت جيدة وبريئة وخَيِّرَةََ فإن السلوك لا تكون له أية قيمة أخلاقية، ولا يمكن القول عنه بأنه أخلاقي أو لاأخلاقي، إنه سلوك محايد من الناحية الأخلاقية.
وخلاصة القول: إن السلوك الأخلاقي في نظر كانط هو السلوك الذي يمليه مبدأ الواجب وليس مبدأ الرغبة مهما كانت خَيِّرَةََ. ومعنى ذلك أيضا أن الخير لا يصلح لأن يكون معيارا للأخلاق، لأن ما يسعد البعض قد لا يسعد البعض الآخر؛ ومما يترتب عن ذلك أن عدم القدرة على فعل الخير لا يعتبر إخلالا بالمسؤولية الأخلاقية، على اعتبار أنه لا يوجد في الأمر المطلق ما يلزم بكسب السعادة، لآن السعادة مثل أعلى مصدره الخيال لا العقل. وعلى العكس من ذلك فإن عدم الالتزام بالواجب هو إخلال خطير بالمسؤولية الأخلاقية المتمثلة في ضرورة احترام الأمر المطلق المتأصل في العقل الخالص. وإن كان هناك شيء يمكن اعتباره خيرا في ذاته فهو الإرادة الخيرة، وليس السعادة كما يعتقد أرسطو.
عزيزي القارئ سأتوقف عند هذا الحد، وأدعوك إلى تأمل هذه النتائج، وإلى اتخاذ موقف من فلسفة هذا وذاك، على أن تدعم موقفك بحجج وأدلة مقنعة. هل تتفق مع المبدإ الأخلاقي الكانطي أم مع المبدإ الأرسطي ؟ هل أقنعتك حجج هذا الفيلسوف أو ذاك ؟ كيف ذلك ؟ وإن لم تقتنع برأي ما فبين أسباب عدم اقتناعك. حاول أن تخرج بنتيجة واضحة وبين قيمتها الفلسفية والعملية في ضوء قضايا العصر الذي تعيش فيه. كن صبورا ومواظبا، واستعن ببعض المراجع. أتمنى لك التوفيق.   
 
Partager cet article
Repost0

commentaires

Recherche

Archives

&Amp;#1593;&Amp;#1606;&Amp;#1575;&Amp;#1608;&Amp;#1610;&Amp;#1606; &Amp;#1575;&Amp;#1604;&Amp;#1605;&Amp;#1602;&Amp;#1575;&Amp;#1604;&Amp;#1575;&Amp;#1578;

دروس في الفلسفة

Liens