Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
23 janvier 2008 3 23 /01 /janvier /2008 12:24

 

2-2- نموذج فيشر
لا يختلف النموذج الذي وضعه فيشر Fischer لتفسير نمو القدرات المعرفيةاختلافا كبيرا عن نموذج كيس.ولعل أهم ما يجمع بينهما هو الاتفاق حول المصادرة التي تقولإن ما يمكن للطفل أن يتعلمه في مرحلة معينة من مراحل العمر لا يتجاوز بعض الحدود. وأما الفرق الجوهري بينهما فيعود إلى اختلاف تصوراتهما للعوامل التي ترسم للقدرة على التعلم حدودها.فبينما يرى كيس أن الذاكرة القريبة المدى هي العامل الأساسي الذي يحدد ما يمكن للطفل أن يتعلمه، يعتقد فيشر أن درجة تعقد بنية المهارات، أو مستواها الأمثل optimal level، هي التي ترسم للتعلم لدى الطفل حدوده القصوى الممكنة..  
إن ما يميزنظرية فيشر هو عدم فصلها النمو عن التعلم. فقد كان بياجيوالبعض ممن ساروا على نهجه يفصلونعمليات النمو عن عمليات التعلم، ويركزون في بحوثهمعلى عملية النمو لاعتقادهم أن النمويسبق فعل التعلم ويوفر الشروط الضرورية لتحقيقه،وكأن التعلم لا يؤثر بدوره في عملية النمو. إن فصل النمو عن التعلم يدل على عدم اعترافهم بأهمية الدور الذي يلعبه العامل الاجتماعي في عملية النمو.
وكرد فعل ضد هذا التوجه اقترح فيشر ومجموعته نظرية أطلقوا عليها اسم «نظرية المهارات»skill theory، وهي نظرية تجمع بين النمو والتعلم.عبر فيشر Fischer وزميله بيب Pipp عن رأيهما في هذه المسالة بقولهما: «إننا نؤكد في عرضنا لنظريتنا على أن التعلم لا يتعارض مع النمو، كما أنعوامل المحيط لا تتعارض فيها مع العوامل المتصلة بالوحدة العضوية [ للفرد]. إننا لا نضع التعلم في مقابل النمو, ولكننا نتعامل معهما على أنهما مترابطان بصورة لا انفصام فيها»(Fischer and Pipp. 1984 , p.46). إن تنامي العمليات المعرفية في نظر هؤلاء الباحثين هو نتاج التفاعل بين عوامل المحيط والعواملالذاتية. ويرتكز تفسيرهم للنمو على مفهومين أساسيينتمت صياغتهما في ضوءأطروحة التفاعل بين الفرد والمحيط،، وهما: مفهوم المستوى الأمثل optimal level ومفهوم اكتساب المهارات skill acquisition.
2-2-1- نمو المهارات
يدل مفهوم المستوى الأمثل على الدرجة القصوى التي يمكن أن يصل إليهامستوى تعقد المهارات التي يمكن التحكم فيها،ولا يمكن بلوغ المستوى الأمثل إذا كانت ظروف المحيط لا تساعد الفرد على استثمار طاقاته إلى أقصى حد ممكن. وأما عملية اكتساب المهارات فتشير إلى القواعد التي تستخدم لتحويل مهارة معينة لجعلها أكثر تعقيدا وفعالية من خلال ربطها بمهارات أخرى.تأخذ المهارات، من وجهة النظر هذه، شكل بنية دينامية متحولة، تتحرك فتتحرك معها عجلة النمو والتعلم.
وأما المبادئ التي تتحكم في دينامية بنية المهارات فهي:التعويضsubstitution، والتركيزfocalisation، والتأليف compounding، والتمييز differentiation، والتناسق المتبادل intercoordination. ويعتبرفيشر وزملاؤهمبدأ التناسق المتبادل هو المسئول الأول عن نقل بنية المهارات من مستوى معين إلى مستوى أكثر تعقيدا. إن هذا المبدأ هو الذي يحدد كيفية التأليف بين المهارات المكتسبة للحصول على بنية جديدة أكثر تعقيدا وفعالية. وتدلنا المبادئ الأخرى، في نظرهم، على المراحل الفرعية التي تمر بها بنية المهاراتخلال كل مرحلة من المراحل النمائية الكبرى. تقوم هذه المبادئ مقام اللامتغير الوظيفي functional invariant في نظريتهم Fischer and Pipp. 1984 , p.46)).
تتحكم المبادئ الخمس السابقة الذكر في عملية اكتساب المهارات وتحويلها، وتحدد مسار نموهاوالمراحل الكبرى والصغرى التي تمر بها. وتجدر الإشارة إلى أن الأفراد الذين ينتمون إلى نفس الفئة العمرية لا يتوفرون بالضرورة على نفس المهارات،ولذلك يتحركون خلال سيرورتهم النمائية في اتجاهات مختلفة. ومعنى ذلك أن النمو لا يسير دائما في اتجاه خطي تصاعدي كما يعتقد بياجي. وما يدل على ذلك، في نظر فيشر، هو كيفية تعاقب مراحل النمو الفرعية التي تتخلل المراحل النمائية الكبرى المطابقةلمراحل العمر. فقد لاحظ فيشر وجود فروق جوهرية في كيفية تفاعل الأفراد الذين ينتمون إلى نفس الفئة العمرية مع موضوع معين، وتبين له أن طريقة معالجة المعلومات تختلففي تفاصيلها من فرد إلى آخرفي سياق كل مرحلة من المراحل النمائية الفرعية. ويعتبر هذا الاختلاف من أهم مظاهر الفروق الفردية.يفسر فيشر الفروق بين الأفراد في النمو والتعلم بمجموعة منالمتغيرات الشخصية ومتغيراتالمحيط الاجتماعي. ويؤدي التفاعل بين هذه المتغيرات إلى تشعب مسالك عملية النمو، وتسير في اتجاهات مختلفة.ومن هذا المنطلق عرف فيشر وزميله كندي النمو  بأنه:(Fischer and Kennedy, 1997, p 118)  :
» كل نوع من أنواع التغير المنتظم، ولا يشمل فقط التصاعد أو التراجع في اتجاه خطي، بل يشمل أيضا الأنماط المعقدة كالتذبذب بين نقطتين أو الارتقاء الذي يظهر عبر سلسلة من القفزات والكبوات «
ولعل ما يدعم هذه الفكرة هو التنوع الملاحظ في سلوك الأفراد الذين يعالجون نفس الموضوع، والاختلاف الكبير في الأفكار التي يشكلونها عنه. يرى فيشر أن المفاهيم العامة، كمفهوم القدرة أو الكفاية، لا تعكس ذلك التنوع. إن مفهوم القدرة لا يسمح بالتمييز في الأداء بين عدة مستويات بشكل دقيق، ويرجع السبب في ذلك إلى صعوبة التمييز في القدرة ذاتها بين مستويات عديدة ومتنوعة. وعلى العكس من ذلكيمكن التمييز في المهارة بين عدة مستويات، ومن ثمة يمكن إقامة علاقة بين مستويات الأداء ومستويات المهارة، بحيث يمكن القول إن مستوى الأداء يتحدد بالمستوى الذي يقف عنده الفرد في استخدامه للمهارة التي يوظفها لمعالجة مهمة معينة.
وبالإضافة إلى ذلك فإنه غالبا ما تكون المفاهيم العامةالمستخدمة لوصف السيرورة النمائية مضللة بسبب اختزالها الشديد للواقع وإغفالها للتفاصيل. لذلك يبدو النمو وكأنه يسير في اتجاه خطي تصاعدي عندما يصفه الباحثون في ضوء المفاهيم العامة، وعندما تؤخذ التفاصيل بعين الاعتبار يبدو مساره متعرجا ومتشعبا. يمكن القول بعبارة أخرى إنه عندما يجري التحليل على مستوى المقولات العامة يبدو النمو كما لو كان يسير في اتجاه خطي تصاعدي، وعندما يجرى التحليل على مستوى السلوك الفعلي بأبعاده المتعددة والمتنوعة يبدو مساره متشعباوغير خطي. يستعمل فيشر صيغة بلاغية خاصة عندما يتعرض لوصف النمو المتشعب المسالك كبديل عن الصيغة التقليدية التي تشبهه بالسلم، حيث شبهه بنسيج الشبكة وأغصان الشجرة للتأكيد على ديناميته المتذبذبة ومده وجزره في كل مرحلة من مراحل العمر. يدل هذا التشبيه على أن الفرد يمر خلال كل طور من أطوار النمو بعدة مراحل مختلفة ومتزامنة، تعكس كل مرحلة منها درجة تعقد المهارات المستخدمة لمعالجة المهام المرتبطة بحقلمعين من الحقول المعرفية التي يتمتع كل واحد منها بنوع من الاستقلال النسبي الذي لا يلغي التقاطع مع غيره من الحقول الأخرى. بإمكان كل مدرس أن يلاحظأن مستوى نمو المهارة التي يوظفها التلميذ لمعالجة القضايا المرتبطة بمادة دراسية معينة قد يختلف عن مستوى نموهافي مجالات دراسية أخرى،يبدو التلميذ وكأنه ينتقلمنمرحلة عمريةإلى أخرىعندما ينتقل من مادة دراسية إلى أخرى. يدل ذلك على أن وتيرة النمو تختلف باختلاف المجالات المعرفية، ويدل أيضا على أن طبيعة الموضوع تؤثر في بنية المهارات، كما يدل على أن المشكلة لا تكمن فقط في القدرة على نقل المهارة من حقل إلى آخر، ويدل أخيرا على أن «العقل ليس وحدة كلية، ولكنه يتكون من أجزاء مستقلة»Fischer and Kennedy. 1997. p. 123))، بحيثيمكن التأليف في كل وضعية متميزة بين بعض العناصر أو الأجزاء لتشكيل بنية جديدة من المهارات تكون على درجة معينة من التعقيد.
.يشبه فيشر وكندي مسالك النمو بشبكة نسجت من الحبال. يتكون كل حبل منها من مجموعة من الخيوط المجدولة. تمثل الخيوط فيها المهارات، وتمثل الجديلة بنيتها،وترتبط كل جديلة من جدائل الشبكة بمجال معين من مجالات النشاط المعرفي. تدل كل جديلة على مجموعة من المهارات التي تنمو كل واحدة منها عبر سلسلة من المراحل. وفي كل مرحلة جديدة من المراحل النمائية يعاد تركيب العناصر، وتدمج البنية السابقة في البنية الجديدة بطريقة متراتبة وفقا لما تنص عليه نظرية كيس Case تماما. وكذلك يمكن الحصول على بنية أكثر تعقيدا من خلال الجمع بين جديلتين مما يؤدي إلى ازدياد فعالية الفرد في معالجة المهام المتصلة بحقل معين من الحقول المعرفية. وعلى إثر ذلك تحصل الطفرة في النمو
وتحصل الطفرات أيضا في الحالات التي تكون فيها البنيات مستقلة عن بعضها البعض ومتفاوتة في درجةنموها بسبب انتمائها إلى مختلف المجالات المعرفية.ليس من المستبعد، إذن، أن يطرأ التحول في مختلف البنياتفي نفس الفترة الزمنية، وذلك على الرغم من التفاوت الموجود في درجة نمو مختلف المهارات التي تندرج في تكوينها. ولكن هذه الطفرات المتزامنة تأخذ أشكالا عديدة ومتنوعة كالتشعب، وتغيير الاتجاه، والاندماج.يدل التنوع في شكل الطفرات على التباين الموجود بين مختلف الحقول المعرفيةفي كيفية تنظيم المهارات، كما يدلعلى أن المهمة المعرفية تؤثر في المهارة وتحدد مستوى نموها.
Partager cet article
Repost0

commentaires

Recherche

Archives

&Amp;#1593;&Amp;#1606;&Amp;#1575;&Amp;#1608;&Amp;#1610;&Amp;#1606; &Amp;#1575;&Amp;#1604;&Amp;#1605;&Amp;#1602;&Amp;#1575;&Amp;#1604;&Amp;#1575;&Amp;#1578;

دروس في الفلسفة

Liens