Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
25 janvier 2008 5 25 /01 /janvier /2008 12:17

2- البياجيون الجدد
لقد كان لعلم النفس ألمعلوماتي تأثيرعميق في حركة البياجيين الجدد. ولبيان ذلك سنحاول فيما يلي التعريف بأفكار اثنين من كبار ممثلي هذه الحركة، وهما روبي كيس Robbie Case، وكورت فيشر Kurt Fischer.وتجدر الإشارة إلى أن بعض الدارسين قاموا بجمع ومناقشة أعمال العديد من الباحثين الذين ينتمون إلى هذا التيار الفكري في مؤلفات باتت مشهورة(Kessen, 1984 ; Demetriou. 1988).
2-1- نموذج روبي كيس
أعلن روبي كيس Case بعبارة صريحة انتماءه إلى حركة البياجيين الجدد، وذلك حين قال إن أحسن وصف يمكن أن يوصف به موقفه من مسألة النمو كما طرحها بياجي هو أنه موقف « بياجي جديد»Piagetian-Neo. وبرر ذلك بقوله(Case, 1984 , p. 20):
 » إنني أعتقد مثل بياجي أن أحسن وصف يمكن أن توصف به آليات التفكير لدى الأطفال في مختلف المراحل النمائية هو أنها سلسلة من البنيات الذهنية تكون فيها كل بنية أكثر تطورا من سابقاتها. وكذلك أعتقد مثل بياجي أن شكل هذه البنيات ودرجة تعقيدها في أية مرحلة من مراحل العمر تظل ثابتة مهما تنوعت مضامين الحقول المعرفية (شريطة أن تتوفر للأطفال الظروف المناسبة للتعلم). ومع ذلك فإنني أعتقد، على خلاف ما ذهب إليه بياجي، أن البنيات الذهنية للأطفال يمكن التفكير فيها أحسن بواسطة المفاهيم التي تبلورت في حقل معالجة المعلومات والذكاء الاصطناعي كبديل للمفاهيم التي تبلورت في حقل المنطق الرمزي. ولابد أن يؤدي الاختلاف في طريقة وضع المفاهيم التي تصف البنيات الذهنية للأطفال إلى الاختلاف في طريقة بناء المفاهيم التي تصف عملية الانتقال من مرحلة نمائية إلى أخرى «        
وتعتبر نقط الاتفاق والاختلاف هذه هي السمات المشتركة المميزة للمفكرين البياجيين الجدد، إن ما يجمع بين هؤلاء الباحثين هو سعيهم إلى تصحيح نظرية بياجي في ضوء الإنجازات التي تحققت في ميدان علم النفس المعلوماتي، وإثرائها بالمفاهيم التي تبلورت في هذا المجال.
أخذ كيس Case بعض المفاهيم الأساسية التي تبلورت في حقل علم النفس المعلوماتي ووظفها لتأسيس نظرية تقترح تفسيرا جديدا للنمو كبديل للتفسير الذي قدمه بياجي. تركز هذه النظرية على مصادرة مفادها أن النمو المعرفي يتحقق على مستوى الاستراتيجيات أو ما يسميه «بنية التحكم في الأداء»executive control structure. هذا هو المفهوم المركزي في نظريته، وعرفه بأنه«خطة ذهنية لحل صنف من أصناف المشكلات»(Case, 1984 , p. 21). تنمو هذه البنية مع مرور الزمن، ويدل مفهوم النمو هنا على ازدياد درجة تعقيد البنية. فكلما ازدادت درجة تعقيدها انتقل الفرد إلى مرحلة جديدة من مراحل النمو. لا يحصل الانتقال، إذا نظرنا إليه في ضوء هذه النظرية، من خلال تجاوز بنية المرحلة السابقة، ولكن من خلال دمجها في البنية الجديدة وفقا لمبدأ التراتب. وهكذا، فإن المبدأ المتحكم في النمو المعرفي حسب نظرية كيس هو مبدأ الاندماج المتراتب لبنيات التحكم في الأداء hierarchical integration.كيف يتحقق ذلك في الواقع ؟
يرى روبي كيس أن جميع بنيات التحكم في الأداء تقوم على أساس تصور معين لظروف المشكلة التي تواجه الفرد.فعندما يجد الفرد نفسه أمام مشكلة ما، ثم يفكر في وضع الخطة المناسبة لحلها، فإن ما يحدد الخطة التي يضعها هو تصوره للظروف المناسبة لتطبيقها من جهة،وتصورهللوضعية المرغوب فيها التي تستهدفها الخطة من جهة أخرى. ويشترط أن يكون للفرد بالإضافة إلى ذلك تصور واضح عن الاستراتيجية التي ستوجه نشاطه عبر سلسلة من الإجراءات نحو تحقيق أهدافه. يمكن القول بعبارة أخرى إن ما يحدد بنيات التحكم في الأداء هي تصورات الفرد للوضعية التي تواجهه،  وللوضعيةالتي يرغب فيها، وللإجراءات التي تنقله من الوضعية الأولى إلى الوضعية الثانية. هذه هي الخصائص المشتركة بين جميع نظم التحكم في الأداء. وعلى الرغم من أن لهذه النظم بنية شكلية متماثلة فإنها لا تمكن الفرد من معالجة جميع أنواع المهام وحل جميع المشكلات. والدليل على ذلك هو أن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين أربع وخمس سنوات يمرون بنفس المراحل عندما يعالجون مشكلة حسابيةيتطلب حلها توفر القدرة على التعامل مع الأعداد أو مشكلة يحتاج حلها إلى توفر القدرة على التعامل مع الأوزان، أو مشكلة تستلزم توفر القدرة علىتمييز نوع آخر من الكميات. ولكن هؤلاء الأطفال يجدون صعوبة في حل مشكلة مركبة تجمع بين بعدين مختلفين كالعددوالوزن، وذلك على الرغم من أن بنية التحكم في أداء المهمة المتعلقة بمعالجة الأعداد لا تختلف من حيث بنيتها الشكلية عن بنية التحكم في أداء المهمة المتعلقة بمعالجة الأوزان.
ويحصل الانتقال إلى مرحلة جديدة من مراحل النمو في حوالي السنة السادسة من العمر عندما يصبح الطفل قادرا على حل المشكلة المركبة من خلال دمج بنية التحكم في معالجة البعد المتعلق بالعدد ببنية التحكم في البعد المتعلق بالوزن على نحو متراتب، حيث يستعمل الهدف المتعلق ببنية التحكم في العدد من أجل حل مشكلة الوزن. هذا مع العلم أن الطفل البالغ من العمر أربع سنوات يمتلك القدرة على استخدام البنيتين معا، ولكنه يستخدم كل واحدة منهما على حدة لحل مشكلة بسيطة، ولا يستطيعالجمع بينهما لحل مشكلة معقدة. يتفق كيس Case مع بياجي وغيره من الباحثين في مجال علم النفس النمائي على أن الانتقال من المرحلة التي تنطلق من السنة الرابعة إلى المرحلة التي تنطلق من السنة السادسة من العمر يمثل التحول الرئيسي في البنية المعرفية بالمقارنة مع تحولات المراحل اللاحقة. ففي حوالي السنة السادسة من العمر تظهر الوظيفة المنطقية لدى الطفل حسبنظرية بياجي، وفي هذه اللحظة نفسها يظهر التفكير البعدي dimentional thought حسبنظرية كيس. وأما نمط التفكير الذي يميز المرحلة التي تمتد من السنة الرابعة إلى السنة الخامسة من العمر فيصفه كيس بأنه تفكير علائقي relational thought. ويحصل الانتقال إلى نمط التفكير البعدي عندما يصبح الطفل قادرا على التنسيق بين بنيات التحكم في الأداء المتوفرة لديه، وتنظيمها بشكل متراتب من أجل الإحاطة بمختلف أبعاد المشكلة.
وتحدث تحولات أخرى في الثامنة والعاشرة من العمر. ولكن هذه التحولات لا تضيف شيئا جديدا إلى البنية المتراتبة التي تشكلت في السنة السادسة، ولا تؤدي إلى ظهور نمط جديد من التفكير. يقول كيس بهذا الصدد:«إن التغير الذي يلحق طريقة اشتغال بنية التحكم في الأداء بعد سن السادسة ليس تغيرا نوعيا كبيرا،إن ما يحدث بعد هذه السن هو عبارة عن سلسلة من التغيرات النوعية الطفيفة. وتعتبر هذه التغيرات في الواقع امتدادا للتغير الذي حصل بين السنة الرابعة والسنة السادسة من العمر، والذي يتعاظم ويتسع مداه تدريجيا »(Case, 1984. p. 26). هكذا يتحقق النمو في جميع مراحل العمر. حيث يتم دمج البنيات السابقة بعضها ببعض بطريقة متراتبة، ويتولد عن ذلك نمط جديد من التفكير. ثم تتبلور البنية الجديدة بشكل تصاعدي عبر سلسلة من المراحل، ويتسع مداها أكثر في كل مرحلة جديدة، وتزداد قدرة الفرد على الإحاطة أكثر فأكثر بمختلف جوانب المشكلات التي تواجهه، ويأخذ بعين الاعتبار في كل مرة عددا أكبر من المتغيرات إلى أن تحصل قفزة نوعية أخرى في سلم النمو المعرفي. هذا هو المبدأ العام الذي يتحكم في عملية النمو.(Case, 1985 , 1992)
تمتد المرحلة الحسية-الحركية في نموذج كيس من صرخة الميلاد إلى الشهر الثامن عشر، تليها مرحلة التفكير العلائقي وتمتد إلى السنة الخامسة. وابتداء من السنة السادسة يظهر نمط التفكير البعدي ويستمر في النمو إلى أن يبلغ ذروته في السنة الحادية عشرة، حيث تبدأ مرحلة التفكير الشكلي أو المجردوالتي يستغرق نموها سنوات عديدة(Case, 1985). وفي كل مرحلة جديدة تزداد درجة تعقد بنية التحكم في الأداء، وتحصل الطفرة عندما يصبح الطفل قادرا على دمج البنيات المكتسبة بعضها  ببعض على نحومتراتب. ولكن، كيف يتسنى له ذلك ؟ ما هي العمليات التي تقف خلف القدرة على دمج البنيات ؟
يميز كيس بين نوعين من العمليات:» العمليات أو القدرات التي يأتي الكائن الإنساني وهو مجهز بها منذ الولادة«، »والقدرات التي لا يأتي الكائن الإنساني وهو مجهز بها منذ الولادة « (Case. 1984 . p. 27). ويرى أن النوع الأول من القدرات يظل ثابتا على الدوام يلعب دور اللامتغير الوظيفي functional invariant الذي تحدث عنه بياجي والذي تمثله عمليات الاستيعاب والتوافق والموازنة في نظريته. ويعتبر اللامتغيرالوظيفي العامل الأساسي الذي يتحكم في عملية  دمج البنيات، ويشمل،حسب كيس، القدرات التالية :
§         القدرة على وضع الأهداف؛
§         القدرة على استخدام الخطاطات schemes أو الخطط الذهنية المتوفرة وفقا لتسلسل جديد من أجل تحقيق الأهداف المرسومة؛
§         القدرة على تقييم نتائج الخطة في تسلسلها الجديد في ضوء الوضعية الراهنة والأهداف المسطرة؛
§         القدرة على هيكلة وتعميم الخطة الناجعة على التجارب المستقبلية وبشكل مقصود؛
§         القدرة على تذكر هذه البنيات (الخطط) التي تم صقلها بواسطة الممارسة المتكررة في المستقبل، ودعمها وهيكلتها باستمرار إلى أن تصبح جزءا من البنيات المتحكمة في الأداء.
Partager cet article
Repost0

commentaires

Recherche

Archives

&Amp;#1593;&Amp;#1606;&Amp;#1575;&Amp;#1608;&Amp;#1610;&Amp;#1606; &Amp;#1575;&Amp;#1604;&Amp;#1605;&Amp;#1602;&Amp;#1575;&Amp;#1604;&Amp;#1575;&Amp;#1578;

دروس في الفلسفة

Liens