Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
1 janvier 2010 5 01 /01 /janvier /2010 23:07

تحليل نص لأفلاطون حول الفضيلة

أحمد أغبال

أجرت الباحثة مارالي هارل Maralee Harrell تجربة عبر سلسة من الدروس تندرج في المدخل إلى الفلسفة شملت 139 طالبا؛ وكان الهدف من هذه التجربة هو التحقق من الفرضية التالية: إن استعمال خطاطات الاستدلال الفلسفي يساعد على تنمية قدرة التفكير النقدي لدى الطلبة. وتوصلت إلى أن استعمال خطاطة الاستدلال يزيد من قدرة المتعلمين على الفهم والتحليل وتقييم البراهين والأدلة والتفكير النقدي([1]). سنقدم فيما يلي الخطاطة التي رسمتها الباحثة لأحد البراهين التي قدمها أفلاطون في محاورة مينون لإثبات أطروحته على لسان سقراط، وذلك تعميما للفائدة.  

تقديم النص

النص المقترح للتحليل هو الجزء الخامس من محاورة مينون تحت عنوان"عود إلى تحليل الفضيلة ونظرية الرأي الصائب". من المعلوم أن محاورات أفلاطون هي من نوع الخطاب الذي يمتزج فيه الأسلوب الجدلي الحجاجي بالأسلوب البرهاني المنطقي. وقد تنبه فيلسوف قرطبة، أبو الوليد ابن رشد، إلى هذه المسألة في شرحه واختصاره لـ"جمهورية" أفلاطون؛ وأسقط من المحاورة أبوابا كاملة بسبب كونها خطابية أو جدلية، يقول: "وأما المقالة الأولى من هذا الكتاب، فكلها أقاويل جدلية، وليس فيها برهان إلا ما كان عرضا.وكذلك فاتحة (المقالة) الثانية. ولذلك لم نفسر شيئا مما فيها"([2]). وسوف نقدم في خاتمة هذه المقالة مثالا من كتاب "الضروري في السياسة" يبين طريقة ابن رشد في التعامل مع نصوص أفلاطون وكيف ميز فيها بين الأسلوب الجدلي الذي يقوم على الحجاج والأسلوب البرهاني الذي يقوم على القياس المنطقي.   

 وبسبب هذا التداخل بين الأساليب الخطابية والجدلية والبرهانية في نصوص أفلاطون يكون من الصعب بالنسبة للقارئ المبتدئ أن يهتدي إلى الأطروحة التي يدافع عنها الفيلسوف وأن يكشف عن القضايا الاستدلالية التي تدعمها. وتزداد هذه الصعوبة لدى الأفراد الذين يعيشون في ظل ثقافة يطغى فيها البيان بحجاجه على الاستدلال والمنطق، حيث لا توجد كلمات تميز تمييزا واضحا بين فعل persuader وفعل convaincre. في هذا السياق، يصبح كل ما يفحم المخاطَبَ دليلا مقبولا سواء أكان مبنيا على أساس علمي رصين أو على أساس مغالطي. يبدو وكأن الإبستومولوجيا المهيمنة توجهها الروح المكيافيلية.

اختير هذا النص لكونه يلخص نتائج الفصول السابقة كلها، ويشتمل على جميع القضايا الاستدلالية التي تندرج في بنية البرهان، ويعلن عنها بوضوح أكبر. ومع ذلك، فإن الأسلوب الخطابي-الجدلي كثيرا ما يلقي بظلاله على الأسلوب البرهاني ويجعل من الصعب إدراك العلاقات بين القضايا. لم تكن وظيفة الأسلوب الخطابي-الجدلي في المحاورة هي الإقناع، وإنما كان الهدف منه، في المقام الأول، هو خلق الاضطراب في نفس مينون من خلال إيقاعه في التناقض، ودفعه إلى الشك في معتقداته كخطوة أولى لقبول نتائج البرهان.

وكان الغرض من اختيار هذا النص هو بيان أهمية الدور الذي يلعبه رسم خطاطة الاستدلال الفلسفي في بناء الدرس، من جهة، وفي تنمية القدرة على الفهم والتحليل والمناقشة والتفكير النقدي لدى المتعلمين، من جهة أخرى. وسوف نغتنم هذه الفرصة لبيان بعض الإجراءات المنهجية لتحليل النصوص الفلسفية.

صاغ أفلاطون الإشكالية التي كانت مطروحة في زمانه بوضوح تام في الفقرة الأولى من القسم الأول من محاورة مينون. ولقد جعلنا من هذه الفقرة مقدمة للجزء الخامس الذي قررنا معالجته. يتعلق السؤال الذي طرحه أفلاطون في بداية المحاورة، والذي لا يزال مطروحا حتى اليوم، بما إذا كانت الفضيلة تعلم أم لا تعلم. كان لهذه الإشكالية في زمانه بعد سياسي خاص إضافة إلى بعدها التربوي والأخلاقي. ذلك لأن من يتولى الحكم وتدبير شأن المدينة-الدولة اليونانية لم يكن له دائما من العلم قسط وافر. وانطلاقا من هذه الخلفية، كان لابد من طرح السؤال المتعلق بما إذا كانت للفضيلة علاقة بالعلم، من جهة، وبالظن الصحيح أو الحدس السليم، من جهة أخرى؛ وبعبارة أخرى، ما هو مصدر الفضيلة ؟ إن الجواب على هذا السؤال سيفضي بصاحبه منطقيا إلى إصدار حكم بخصوص من يتولون تدبير شؤون المدينة. فإذا كان مصدرها هو التربية والتعليم، لزم أن يكون الحكام من فئة الفلاسفة والعلماء. وإذا كانت الفضيلة على صلة وثيقة بالرأي السديد المبني على ضرب من ضروب الحدس فقط، فما هو منبعها الأصلي ؟ وإذا كان مصدرها شيئا آخر غير العقل، فإنه من المحتمل أن يكون مصدرها إلهيا. هذه هي أطروحة أفلاطون أو سقراط؛ وهي على ما يبدو، لا تنسجم تمام الانسجام مع النظرية السياسية لأفلاطون التي قضت بأن يكون حاكم المدينة الفاضلة فيلسوفا. ومهما يكن من أمر ذلك، فإن المهمة التي ما فتئت تشغل اهتمامنا تتعلق ببناء خريطة الاستدلال الفلسفي لنص مينون. ولسوف تيسر لنا هذه العملية الإجراءات المتعلقة بمناقشة الأطروحة الأفلاطونية وبيان مدى أهميتها وحدودها.

بناء خريطة الاستدلال كوسيلة لتنمية القدرة على التفكير النقدي

تعتبر تنمية التفكير النقدي أحد الأهداف الرئيسية للعملية التعليمية-التعلمية. ويستلزم التفكير النقدي امتلاك العديد من القدرات وفي مقدمتها الفهم، والتحليل، وتقييم الأدلة والبراهين وأساليب الاستدلال. ولذلك يمكن القول: إن القدرة على التفكير النقدي هي قدرة بالغة التعقيد وصعبة المنال. يرى بعض الباحثين ممن يهتمون بدراسة وتطوير طرق وأساليب تدريس الفلسفة أن رسم خريطة الأدلة الفلسفية هي من أكثر طرق التدريس فعالية لأنها تيسر الفهم والتحليل والتقويم، وتساعد بالتالي على تنمية القدرة على التفكير النقدي.

يعرف الاستدلال الفلسفي بأنه سلسلة من القضايا تمثل القضية الأخيرة فيها النتيجة وتسمى القضايا السابقة بالمقدمات التي تدعم الحصيلة النهائية. وأما خريطة الاستدلال فهي عبارة عن رسم بياني بشخص القضايا ويبين العلاقات المنطقية الاستدلالية التي تربط بعضها ببعض.

في محاورة مينون، مثلا، حاول أفلاطون أن يبرهن على لسان سقراط أن الفضيلة هبة من الله. هذه هي الأطروحة التي حاول الدفاع عنها أمام خصومه والتي ستصبح هي نتيجة البرهان. فما هي القضايا التي تدعمها ؟ وكيف تنتظم وتتسلسل ؟ لابد من الاعتراف بأن اكتشاف كيفية تسلسل القضايا مهمة صعبة بالنسبة للتلميذ، لأن الطبيعة الخطابية للنص تلقي بظلالها على بنية البرهان وتحيطها بنوع من اللبس والغموض، وتخلق الارتباك لدى القارئ. ولذلك لزم أن يكون هدف القراءة في لحظة أولى هو عزل القضايا التي تندرج في بنية البرهان. يتطلب تحقيق هذا الهدف امتلاك القدرة على التمييز والانتقاء. ومن المؤشرات الدالة على وجود أو عدم وجود هذه القدرة، هو تصور القارئ للقراءة. تكمن أهمية التصور في أنه يوجه السلوك؛ فإذا نظر القارئ إلى القراءة على أنها عملية انتقائية، يكون قد وفر لنفسه إمكانية تنمية القدرة على الانتقاء. يدل مفهوم الانتقاء، من وجهة نظر علم النفس المعرفي، على القدرة على توجيه الانتباه نحو المعلومات الأساسية وحفظها في الذاكرة القريبة المدى أو النشيطة. وعندما يتعلق الأمر بنص فلسفي، فإن المعلومات الأساسية هي القضايا التي تتشكل منها بنية البرهان. ويكون من الصعب على القارئ اكتشاف هذه القضايا ما لم يكن قد اكتسب القدرة على التمييز بين العبارات الخطابية والقضايا الأساسية التي تدعم أطروحة الكاتب.

ومن هنا تأتي أهمية التفكير الاستراتيجي الذي يستهدف الكشف عن القضايا الأساسية، ويعيد تركيبها في شكل ملموس يبرز بنية البرهان. وعندما تتضح بنية البرهان يكون من السهل تقييمها وإخضاعها للنقد. تلك، إذن، هي مراحل منهج تنمية وتطوير التفكير النقدي، وتحتل فيه القدرة على رسم خريطة القضايا الاستدلالية التي تظهر عناصر البرهان وعلاقاتها بشكل ملموس موقعا مهما للغاية. وهذا نموذج يمثل خريطة القضايا الاستدلالية التي تكشف عن بنية البرهان في نص مينون.

Nouvelle image (1).jpg

اقرأ الخطاطة في اتجاه السهم، بدءا بالمصادرتين: "يمكن تعليم شيء ما إذا كان له معلم" هذا مبدأ عام؛ "لا يوجد معلمون للفضيلة" هذه ملاحظة أو حكم من واقع الحياة.      

يتوقع أن يساعد اكتساب مهارة رسم خريطة القضايا الاستدلالية التلاميذ والطلبة على تنمية قدراتهم على تحليل ومناقشة أساليب البرهان الطويلة المعقدة، بحيث يمكن القول إنه كلما ازدادت القدرة على رسم هذه الخريطة إلا وازدادت القدرة على التعامل مع هذا النوع من البراهين. يرى الباحثون المتخصصون في مجال التربية أنه يكون من الصعب على التلاميذ والطلبة التعامل مع البراهين التي تثير لديهم نتائجها ردود فعل عاطفية-وجدانية قوية لاعتبارات دينية أو اجتماعية أو أيديولوجية أو غيرها. ويتوقع أن تساعد القدرة على رسم خريطة القضايا الاستدلالية التلاميذ على التعامل مع هذه البراهين بهدوء وموضوعية أكبر. ويتوقع في النهاية أن تساعد تنمية هذه المهارة التلاميذ على تطوير قدرتهم على الكتابة الإنشائية.

تمييز ابن رشد بين الجدل والبرهان في نصوص أفلاطون

قال ابن رشد:
        "فقد تبين من اختصار هذا القول مراتب هذه المدن و[مراتب] السعادة، والشقاء، ومراتب الولاة فيها، وأن أسعدهم هو الملك [الفاضل..]، كما أن أشأمهم هو وحداني التسلط.

"فهذا ما يراه أفلاطون في تحول تلك المدن وأهلها، وتحول بعضها إلى بعض. ولقائل أن يقول: إن كان الأمر كما ظن، من أن في هذه المدن ما يشبه الطرفين المتقابلين، وهما السياسة الفاضلة وسياسة وحدانية التسلط، وفيها ما يشبه الوسط بين المتقابلين، فإنه لا يلزم أن يكون ما تؤول إليه المدن على ذلك الترتيب (الخماسي الذي ذكره أفلاطون: الحكم الدستوري ملكية أو أرستقراطية، التيمقراطية أو الكرامية أي السعي وراء المجد، الأوليغارشية أو حكم القلة من الأغنياء، والديمقراطية مدينة الحرية والفوضى، والطغيان وحدانية التسلط). وإنما هذا يوجد في الأشياء الطبيعية، إذ الطبيعة هي التي من شأنها أن يأتي المتقابلان [فيها] عن طريق الوسائط. وأما هذه الأمور، وهي إرادية كليا وجميع هذه الطبائع، أعني التي وصفنا، توجد في هذه المدن، فكيف أمكن لكل مدينة منها أن تتحول إلى أخرى ؟

"قلنا: إن الذي قاله أفلاطون لاشك أنه ليس ضروريا، إنما هو الأكثر. وسبب هذا هو أن السياسة القائمة لها أثر في إكساب الناشئ عليها خلقا ما، وإن كان منافيا لما طبع عليه من التهيؤ للأخلاق، ولذلك صار ممكنا أن يكون معظم الناس فاضلين بالفضائل الإنسانية، وناذرا ما يمتنع ذلك. وقد تبين هذا في الجزء الأول من هذا العلم، إذ قيل هناك إن طرق بلوغ الفضائل العملية هو التعود، كما أن طريق بلوغ العلوم النظرية هو التعليم. ولما كان ذلك كذلك، فإن تحول الإنسان من خلق إلى خلق إنما يكون تابعا لتحول السنن ومرتبا على ترتيبها. ولما كانت النواميس، وخاصة في المدينة الفاضلة، لا تتحول من حال إلى حال فجأة، وهذا أيضا من قبل الملكات والأخلاق الفاضلة التي صار على نَهْجِهَا أصحابها وربوا عليها، وإنما تتحول شيئا فشيئا، وإلى الأقرب فالأقرب. كان تحول الملكات والهيئات بالضرورة على ذلك الترتيب حتى إذا فسدت النواميس غاية الفساد، برزت هناك الأخلاق القبيحة غاية القبح.

"ويتبين لك ذلك مما طرأ عندنا من الملكات والأخلاق بعد العام الأربعين [540هـ] لدى أصحاب السيادة والمراتب. وذلك أنه لما انقطعت أسباب السياسة الكرامية التي نشأوا عليها، صار أمرهم إلى الدنيويات التي هم عليها الآن، وإنما يثبت منهم على الخلق الفاضل من كانت به فضيلة الشريعة القرآنية، وهم فيهم قلة.

"ولما انتهى أفلاطون من القول في هذا، أراد كذلك أن يقيس بين اللذات الحاصلة لكل واحد من هؤلاء، لأن هذا من تمام المقايسة بينهم – وبهذا ينقضي كلامه في الأجزاء الضرورية من هذا العلم الذي قصدنا نحن بيانه – فشرع يقول: لما كانت أخلاق النفس تتوزع على ثلاثة أصناف [من الرجال]، وكذا الحال في المدن: النوع الأول المحب للحكمة، والثاني الغضبي، إما بالعفة فيكون كراميا، وإما بالإفراط فيكون متسلطا، والثالث الشهوي المحب للربح، كانت أنواع اللذات هي بالضرورة ثلاثة أصناف، لكل واحدة من هذه، لأنه قد تبين أن هذه اللذات كالظل [لكل واحد منهم].

"بدأ أفلاطون مستعملا الأقاويل الجدلية لبيان أي من هذه اللذات أفضل، وذلك أنه قال: كل واحد من أصحاب هذه اللذات الثلاث يجد أنه إنما يختار اللذة التابعة لسلوكه، وبعد ذلك عمل موضعا مشهورا(=أسلوب من أساليب الجدل) من المواضيع المذكورة في الثاني من كتاب طوبيقا، وهو كتاب الجدل، وقال: إلا أن ما يفضله صاحب الفلسفة والعلم هو أفضلها، وأكد ذلك الموضوع بأن قال: وذلك أن صاحب الفلسفة والعلم هو الذي عنده الآلتان اللتان بهما تنتظم الأمور، وهما التجربة والقياس. وصاحب الفلسفة هو الذي يتفق له وحده أن يرتب هذه اللذات الثلاث بالتجربة والقياس. أما بالتجربة فذلك لأنه هو الذي سبق أن ذاق تلك اللذات منذ طفولته، وأما الآخرون، فإنهم لم يذوقوا لذة الحكمة أصلا. وأما أن صاحب الحكمة هو الذي يمكنه أن ينهج نهج البرهان فهذا بين بنفسه. فنحن نرى العامة إنما يتذكرون اللذات حينما يقرنونها بأضدادها، فيقولون في وقت المرض أن الصحة هي ألذ الأشياء، ويقولون حين الحاجة إن الاستغناء [الثراء] هو ألذ الأشياء. والأشياء اللذيذة بما هي لذيذة لا يلزم أن يسبقها ضد، مثال هذا: الإبصار وغير ذلك، لكن أشرف اللذات هي التي على غير هذه الصفة، ولذلك كانت توجد على أكمل وجه. وأفلاطون أطال في هذا الغرض، أعني في بيان جهل من سوى الفلاسفة بالحكم على اللذات، وقدرة الفلاسفة على فعل هذا. ومع كل هذا لا يصل بهذا القول إلى أن يكون برهانيا، فنتركه ونأخذ بما قاله بعد ذلك – مما يبدو أنه برهاني، وكان قد استعمل في هذا قولا آخر- وهو هذا:

"قال: إن الجوع والعطش إفراغ للجسم وفراغ يعرض له. كذلك الجهل وعدم المعرفة إفراغ للنفس وفراغ لها. ولما كان ذلك كذلك فهما رجلان يمتلئان، أعني الذي يتناول الطعام والذي يكتسب المعرفة. والملء الحقيقي هو في الشيء الأشرف، وهو (العقل) أشرف شيء في الوجود، وهو الأكثر حضورا والأكثر حقيقة. والأشياء إنما تتفاضل في هذا الأمر تبعا لقربها من الأشياء الأزلية ذات الوجود الخالص، الدائمة البقاء.

"ولما كان ذلك كذلك، فالشيء الذي به تمتلئ النفس هو الأقرب إلى الحقيقة من الشيء الذي يملآ الجسد. والنفس أقرب إلى جوهر تلك الأشياء [الأزلية] من الجسد، وخاصة إذا كان إدراكها إدراكا أزليا. وبما أن الملء، أعني الإدراك، يكون لذيذا بالجملة، فإن الذي يدرك ما هو في جوهره أفضل وأقرب إلى الحقيقة وأولى بالدوام، فله، بالضرورة، أفضل اللذات. وكذلك لذة العقل مع سائر اللذات، لأن اللذات هي سريعة الفساد إذا ما خالطتها الأضداد، ولذة العقل ليس لها ضد، فهي خالدة أزلية، وأما إن فسدت، فذلك لتغير طرأ عليها. وهذا لعمري هو القول البرهاني، لا الذي سبق.

"ثم قال أيضا: أما معظم لذات العقل، فإنها تصير أفضل بفعل العقل لها، وما كان سببا في وجود أمر ما أفضل، فهو أفضل، ولما كان ذلك كذلك، فالحكيم هو الذي يدرك جميع اللذات على أفضل ما تكون عليه. وهذا لعمري حق، غير أن القول الذي قال فيه إن كل ما كان سببا في كون شيء على الصفة الأفضل، هو أفضل، هو قول مشهور، وإن لم يبين ذلك. وجالينوس لجهله بالطرق المنطقية، يظن أن هذه كلها أقاويل برهانية. والقول البرهاني، في المقايسة بين هذه اللذات، إنما هو القول السابق لهذا"[1]

أسئلة حول النص

1.     يقول ابن رشد: " وأفلاطون أطال في هذا الغرض، أعني في بيان جهل من سوى الفلاسفة بالحكم على اللذات، وقدرة الفلاسفة على فعل هذا. ومع كل هذا لا يصل بهذا القول إلى أن يكون برهانيا". ما لذي يبرر هذا القول ؟ لماذا اعتبر ابن رشد القول السابق قولا غير برهاني ؟

2.     أورد ابن رشد بعد ذلك قولا لأفلاطون اعتبره برهانيا، حاول أن ترسم لهذا القول خريطة القضايا الاستدلالية.

 

 


([1]) ابن رشد المصدر السابق، ص. 203-206



 


 

([1])  Maralee Harrell. “Using Argument Diagrams to Improve Critical Thinking Skills”, in Introductory

     Philosophy. Carnegie Mellon University, Department of Philosophy 135 Baker Hall, Pittsburgh, PA, 15213

 

 

  ([2])  ابن رشد. الضروري في السياسة: مختصر كتاب السياسة لأفلاطون. نقله عن العبرية إلى العربية الدكتور أحمد شحلان. مركز دراسات

      الوحدة   العربية. الطبعة الثانية بيروت 2002. ص. 208.

 

 

Partager cet article
Repost0

commentaires

R
Belle
Répondre

Recherche

Archives

&Amp;#1593;&Amp;#1606;&Amp;#1575;&Amp;#1608;&Amp;#1610;&Amp;#1606; &Amp;#1575;&Amp;#1604;&Amp;#1605;&Amp;#1602;&Amp;#1575;&Amp;#1604;&Amp;#1575;&Amp;#1578;

دروس في الفلسفة

Liens